كتب ضياء العسل :
يقول المثل العربي "الي ما اله قديم ما اله جديد " ولربما دل هذا المثل العربي على الافتخار بالاصول والفرح بها والاعتزاز بقيمنا الواردة فيها .. وكذلك شرعا فنحن نفرح بكل ما هو جديد ونعتز به ، ويبقى له نكهة خاصة خصوصا بأن الآتي عبارة عن تحديثات وتطويرات على الاصل الموجود .. هذا بفهم عقولنا القاصرة وبوعيها المحدود .
ولكن عند تأملي بعضا من نصوص القرآن الكريم ، وارى قوله تعالى ( إن أول بيت وضع للناس للذي ببكة مباركا وهدى للعالمين ) ، تأخذني لهفة لهذا البيت ، هذا الاصل الأول الموجود لعبادة الله تعالى ، وارى جموع الافراد فرحة بهذا البيت العتيق ، متلهفة ومشوقة لزيارته والمكوث بجوارة ونيل فخر تقبيل الاسود من حجارة ولمس يمانه ، وهذا هو الاصل وهو الاول وما لازمه من تحديثات لاتغني عن كونه الاصل الذي نفرح بوصله ولقياه ، ولكن يأتي زمان يهدم فيه حجرا حجرا ولا اكاد اتخيل حدوث هذا حقيقة لولا يقيني بالنص الذاكر لهذه الحادثة ولكن معرض قولي ليس عن نقضه بل عن قصة تختلف تماما عن نقضه وان كان ذا صله بالمفهوم وبالمعنى ، فهو سيهجر ويهدم لا محاله ايمانا منا بالنص لكن من منظور آخر مختلف . هذا البيت العتيق الذي ندعوا عند رؤياه بزيادة عظمته وتشريفه وحفظه مكانه عند الله مهين بالمقارنه بإراقة دم المسلم الا ترى قول النبي صلى الله عليه وسلم < لئن تهدم الكعبة حجرا حجرا أهون على الله من يراق دم امرئ مسلم > كل هذا تكريما وتعظيما لهذا الانسان الذي لو قارنته بالكعبة المشرفة لا يعتبر شيئا ولكنه عند الله عظيم لدرجة ان يهدم اول بيت وضع لعبادته حجارا حجرا وليس بسرعة كان اهون من اراق دم المسلم – من دون وجه حق - .
كم نرى في هذه الايام من قتل للمسلمين وهرج بهم ولكني لم اقصد بقولي الى الان المراد من هذا التسطير فالموضوع بالنسبة لي اكبر ، كما هو هناك أمر أكبر من هدم الكعبة بل أكبر من قتل المسلم ، الأكبر من هذا وذاك الفتنه التي هي نائمة ملعون من ايقظها – وان كان معنى الحديث صحيح وروايته ضعيفه – تلك التي هي أكبر من القتل، تلك التي هي اشد من القتل ، تلك التي نتناقلها بمجالسنا وبين أظهرنا بقصد او بدون قصد ، اكبر أثما وأعظم عند الله من القتل ، تلك فتنة الكفر والشرك بالله ، تلك فتنة القتال في الشهر الحرام ، تلك فتنة القتل ، تلك الفتنة التي دعا النبي صلى الله عليه وسلم باجتنابها كفتنة الدجال ، تلك الفتن التي هي كقطع اليل المظلم ، فتن نراها كل يوم بين قطع للرحم و مكر للغير ، فتن حب المال وحب الشهوات والنساء .
تلك الفتنه التي ندعوا الله ان يتوفانا اليه غير فاتنين ولا مفتونين .