السبت، 2 فبراير 2013

أحلى أيام


كتب عمر سليمان ملكاوي :


(( والله ما في بعد المدرسة))... جملةً طالما سمعناها على ألسنة العديد من الطلبة ممن أكملوا دراستهم الجامعية وانقضت تلك السنوات القصيرة بسرعة وهم يعتقدون بأنّ أيام الجامعة ستكون من أفضل أيام حياتهم , أو بالأحرى كانوا يحاولون إقناع أنفسهم بذلك.
لست هنا بصدد الحديث باسم جميع الطلبة ولا يحق لي أصلا من مبدأ الإحترام والأدب ومعرفة حدود الكتابة أنّ أُقولهم ما لم يقولوا أو أن أضع الكلام في أفواههم ,ولكنّي أتحدث عن النسبة الكبرى من الذين عايشتهم بنفسي .
يسمع طالب المدرسة عن حياة الجامعة الشيء الكثير ممن هم أكبر منه سناً ,حتى أنه يكون في سعادة عظيمة عندما يقابل أحد أقاربه من طلبة الجامعة ويبدأ بسرد وقائع حصلت معه في الجامعة مما هبّ ودبّ والتي تكون في كثير من الأحيان وللأسف الشديد من وحي خياله وكما نقول في لهجتنا القروية " سواليف حصيده" وذاك المسكين يسمع ويسمع من تلك الحكايات ,حتى يبدأ برسم صورة خاصة عن الجامعة وفق ما تهوى نفسه وتُحب.
ما ان يدخل الجامعة حتى يكتشف بنفسه أنّ الصورة الباهرة التي انطبعت في ذهنه تختلف اختلافا كبيرا عن الواقع , وعندها بحق يبدأ بمقارنة سنوات المدرسة بهذه السنوات التي ستكون في عالمه الجديد  ... فعلا هنا يبدأ بالتذكّر :
يتذكر الطالب اثنا عشرعاما من عُمُره عاشها في رحاب المدرسة, وعلى طولها إلا أنها في قمة الجمال والروعة, كيف لا يكون كذلك وقد قضاها مع أساتذة أفاضل نقشوا أسمائهم في قلبه فلا تُمسح أبدا..كانوا له بمثابة الاب والاخ والصديق , حاولوا بكل جهد وبكل ما أوتوا من قوة أن يعطوه خلاصة معرفتهم ودروسا من تجريتهم في الحياة .
كيف لا تكون تلك الأيام هي الأجمل وقد قضاها الطالب مع أصدقائه الذين أصبحوا رفقاء لحياته ,شاركهم مشاعر الفرح والحزن , مشاعر الخوف والرجاء ..ضحكوا سوية.. بكوا سوية .. الهدف واحد والهم واحد .. والقواسم المشتركة كثيرة جدا  .
كيف ينسى الطالب ايام المدرسة الجميلة وما فيها من مغامرات وحكايات وطرائف رهيبة قضاها مع زملائه ومعلميه في صرح مدرستهم العتيدة.
لن ينسى أبدا البكاء المتواصل  والصراخ الشديد والخوف من المجهول عند دخوله للمدرسة لأول مرة في حياته ورؤيته جموع الطلاب في الساحة وأصواتهم العاليه تهز هزا, منهم من يركض ومنهم من يلعب ومنهم من يتشاجر مع الاخرين ,وباختصار شاهد كل الممارسات البشرية أمامه في لحظة واحدة قبل أن يقرع الجرس ويبدأ الطابور الصباحي.
لن ينسى أبدا تلك الحفلات الغنائية والمعزوفات الموسيقية المتواضعة التي كانت تزخر بالحضور في كل الصفوف  ولا ينغصها إلا دخول ملك الموت" مدير المدرسة"  بغتة بسبب أحد الجواسيس من أحد طلاب الصف الخارجين عن القانون والانظمة الصفيّة, فيبدأ بعدها بالعقاب الجماعي لكافة الحضور مستخدما أسلح الدمار الشامل " سلك الكهرباء المربوط من راسه أو البربيش المحشي دواحل " وفي بعض الاحيان يتم الاستعانه بأسلحة الرمي عن بعد المعروفة للجميع.
كيف ينسى عمليات التهريب للبضائع " الساندويش" من الخارج وعدم القبول بالمنتجات المحلية الموجودة في الداخل " المقصف".
  استحلفك بالله كيف ينسى الطالب "غرفة العمليات والسيطرة " التي كانت تُجرى مع الزملاء جميعا لأخذ المشورة والتجارب السابقة والترجيح فيما بينها .. وبعدها تبدأ عملية التطبيق العملي للخطه من أجل الحصول على الغاية المنشودة وهي الحرية " الفليلة" وبعد اجتياز سور المدرسة ترى المدير وقد أشار إليك بإشارات التهديد والوعيد لما سيصيبك في اليوم التالي.
كيف ينسى وكيف ينسى .... الكثير الكثير من المغامرات والله لو بقينا لعدة ساعات لن نكملها أبدا
الصراحة... بعد  كل هذا ... (((أي والله ما في بعد المدرسة )))


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق